الإعلام غير منصف مع كربلاء.. نعم.. قلت حقاً ونطقت صدقاً. في أعوام ليست ببعيدة مضت، وعلى وجه الخصوص في كربلاء المقدسة، كان الإعلام منصفاً، وكان أصحاب القلم والعدسة يسلطون الضوء على كل خلل في الأداء الحكومي ولا يغفلون أي ملف يشوبه الفساد ماليا أو إدارياً، ولا يخشون من فضح الذي يستغل موارد الدولة لأغراض ومنافع شخصية أو حزبية ولا يسكتون أزاء ما كان يجري في كواليس أصحاب السلطة من تقاسم المغانم والمقاولات والمكاسب، في ذلك الوقت كان المسؤول الحكومي يسعى وبقوة لكسب الصحفيين ولم يتأخر عن منح العطايا ليجاملهم، وللمؤسسة الإعلامية التي يصفها اليوم بأنها غير مهنية ولا تتحدث عن الواقع الجيد بحسب رأيه، كان قريباً ويتصدر نشراتها الإخبارية وبرامجها، وهو بشخصه يسهل مهام من يعمل فيها حتى في وقت كانت غير مرخصة للعمل إصولياً، وأغلب الصحفيين آنذاك يشاهدون كيف كان يتذمر ويصل حد الهستيريا إن تجاهله أحدهم في اللقاءات الصحفية أو المؤتمرات. أما اليوم.. نعم.. الإعلام لم يعد منصفاً والصحفيين غير مهنيين كما قال القائل، لأن كاميراتهم لا تلتقط صور تعبيد الطرق والنخيل التي زُرعت وزوقتها المصابيح الخضراء والحمراء والزرقاء، ولا يركضون أمام المسؤول ويهللون ويرحبون، وتركوا التقرب منه ليرضى عنهم ويمنحهم من عطاياه، ولم يعملوا بما يحبه من غض النظر عن السلبيات في الأداء وسوء خدمة المواطن ولم يذهبوا للتمجيد والحديث عن المشاريع التي كان حجرها الأساس في حقب ماضية وأُكملت اليوم (مع إنها واجب وليس مستحب لتُحسب إنجازاً جديداً). اليوم فعلاً وحقاً الإعلام ليس كما مطلوب منه، بسبب تعدد المؤسسات الإعلامية المؤدلجة وترك الصحفي لواجبه كـسلطة مراقبة وعدم إعطاء الكثير من الملفات والقضايا المهمة حقها، أولها عدم متابعة ملف قتل أحرار كربلاء المتظاهرين الذي سوّف تحت تبريرات مختلفة، ولم يعد الإعلام يتحدث عن الملفات التي يشوبها الفساد المالي والإداري وحالات الإستيلاء على أملاك عامة أو خاصة بطرق ملتوية من قبل تابعين لأحزاب أو حاشيات ومقربين، ومنها ما سُجل بأسماء أشخاص مقيمين خارج العراق لإبعاد الشبهة، ولم نرى إنصاف من الإعلام في الحديث عن ملف تجارة المخدرات ومن يقف خلفه بلا إكتراث لسمعة كربلاء ومكانتها، وأين هم الصحفيين من ملفات سوء الخدمات التي لم تصل إليها يد المسؤول في معظم أحياء المدينة وأقضيتها والتي لم تزوق مثل ظاهر المدينة لكي يراها من يفد لكربلاء ويمجد ويقول هنيئاً لأهلها، وأين هم من كارثة البنى التحتية التي تهدد المحافظة خلال السنوات القابلة في ظل توزيع قطع الأراضي السكنية التي يتباهى بها المسؤول الذي لم نسمع منه خطة لتوفير خدمات تلك الأحياء في وقت تعاني كربلاء أصلاً من نقص الماء والكهرباء والخدمات البلدية، ولمَ لم نسمع منهم صوتاً في ملف إحالة المقاولات التي لا يعرف أحد عن آلية إحالتها للشركات والمستفيد منها، في وقت ركنت فيه أكبر دائرة حكومية لتنفيذ المشاريع في المحافظة بما تمتلكه من آليات وموارد بشرية، وتوجيهها فقط لإكمال المشروعات الصغيرة التي لا توجد فيها أموال كبيرة، أينكم من العديد من الملفات والقضايا التي تظهر واقع الحال غير المزوق والمبهرج والمهلل به. أيها الصحفيون.. الأمل بكم بأن تكونوا منصفين ولا تتركوا المجال لأحد لينتقدكم، وتمسكوا بمهنيتكم (ولو كأشخاص) في العمل لصالح كربلاء وأهلها، ولا تأخذكم في تأدية تلك الأمانة والرسالة لومة غير راضٍ عن عملكم المكفول وفق القانون. طارق الطرفي